(Array|find{779}|oui)

إلى السيد عبد القادر بن صالح: رئيس الآلية الوطنية المكلفة بالاستشارات السياسية

تحية طيبة و بعد،
أشكركم على دعوتكم الكريمة لي للمشاركة في المشاورات السياسية الخاصة بإعادة النظر في جملة من القوانين. وبصفتي رئيسا للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن دعوتكم هذه تتيح للرابطة التي هي أكثر الهيئات معرفة وإيمانا بالحقوق والحريات الأساسية للمواطنين، وأكثرهم دفاعا وعملا على تجسيدها التذكير بمواقفها من القضايا المطروحة، ورؤيتها لهذه الاستشارات:

أولا: قد توافقونني الرأي بأن النظام السياسي الحالي قد وصل إلى مرحلة تاريخية تستلزم التغيير الحقيقي بهدف إرساء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية. إن إدراك النظام لضرورات التغيير وإن كان متأخرا إلا أنه أحسن من التعنت واستمرار السير في الاتجاه المعاكس لمطالب وتطلعات الشعب. غير أن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ترى أن الآلية المعتمدة للحوار لا يمكنها أن تحقق الإصلاح الذي ننشده كوطن ومواطنين، ذلك أنه كان يستوجب إشراك الجزائريين من أحزاب سياسية و مجتمع مدني و شخصيات وطنية لوضع آلية المشاورات.

ثانيا: إن آليتكم لم تكن موضوع مشاورات مسبقة، وهي لا تملك أية صلاحيات تجعل ما ينبثق عن هذه المشاورات ، يتحول إلى قرارات نافذة وسيدة. كما أن تعيينكم ، و أنتم رئيسا معينا لمؤسسة تشريعية ،و بمساعدة مستشارين من رئاسة الجمهورية يجعل آلية القيام بذلك نفسها مطعون في موضوعيتها.

ثالثا: تدركون سيادة الرئيس أن الإشكالية الحقيقية في الجزائر ليست في النصوص التشريعية، وأن المؤسسات الرسمية و الفعلية تعتبر القوانين التي تصدر عن مؤسستكم التشريعية المطعون في شرعيتها من أحزاب ونواب مجرد حبر على ورق، ولا يطبق منها إلا القليل وبانتقائية، وعليه فإن إصلاح المنظومة التشريعية، ومن قبل نفس الهيئة التي أصدرتها لن يغير من الأمر شيئا.

رابعا:إن المؤسسات الحالية، الرسمية و الفعلية منها، هي التي رافقت و دافعت على ديمقراطية الواجهة ،الشيء الذي يجعلها فاقدة المصداقية لتقوم بالإصلاحات.

خامسا: إن الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، و هي طبعا ليست بالحزب السياسي، لكن إيمانها بان حقوق و كرامة الجزائريين و الجزائريات لن تحترم و لن تكون مضمونة إلا في ظل سيادة دولة القانون و المؤسسات الديمقراطية، اعتبرت دائما أن المؤسسات الحالية و نظرا لتاريخها و تاريخ رجالها في مساندة عوامل القوة في المجتمع لن تكون أمينة على إصلاح حقيقي لفائدة الجزائريين.

سيادة الرئيس،

ما أود التنبيه والتأكيد عليه في الختام أن ظلم الأقلية المستفيدة من ديمقراطية الواجهة للأغلبية الساحقة من الشعب قد وصل إلى مداه، وأن درجة تحمل المواطنين المسلوبة حقوقهم قد وصلت إلى أقصاها وتنذر بانفجار بركان الغضب، إذا لم يحدث انفتاح حقيقي يقود الجزائر نحو ديمقراطية فعلية، قوية بمواطنيها لا مستقوية عليهم.

أشكركم مرة أخرى على دعوتكم لي، ومن خلالي الرابطة التي أتشرف برئاستها، لكنني اعتذر عن المشاركة، متمنيا لكم التوفيق في أشغالكم، فقد تكون لديكم معلومات عن أسباب نجاح مسعاكم لا ندركها نحن.

إنني شخصيا و الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان و انطلاقا من موقعنا سنبقى مجندين من اجل التغيير السلمي، والذهاب إلى إصلاح سياسي يكون بحجم تطلعات الجزائريين و الجزائريات، خدمة للوطن و لحقوق الإنسان.
تقبلوا سيدي فائق التقدير والاحترام.

الجزائر في 4 2 ماي 2011
الأستاذ مصطفى بوشاشي
رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان