(Array|find{1138}|oui)

لن تنجحوا في دفعنا للعنف بقلم د. فــخـار كـمـال الـديــن

في وقت ظن فيه الجميع أن النظام الجزائري قد أخذ العبرة وتعلم الدرس من النهايات المحتومة للأحداث الدامية التي هزت العالم العربي وخاصة دول الجوار والتي تنتهي دائما بسقوط الدكتاتوريات طال الزمان أم قصر، و لكن وفي خطوات غير مبررة وغير مفهومة – لمن لا يعرف طبيعة النظام الجزائري – يصر النظام أو على الأقل أجنحة فاعلة داخله، على السباحة عكس تيار الأحداث و التاريخ، وهذا بتعمد تطبيق سياسات استفزازية، تحث الناس حثا على اللجوء للعنف وهذا باللعب على وتر الطائفية و الجهوية و تضخيم وشحن عقدة الإحساس بالكبت و بالتهميش و هذا بسبب الاحتقار والازدراء الذي تتعامل به السلطات التنفيذية المحلية والأجهزة الأمنية والعدالة مع المواطنين في جميع أنحاء الجزائر وخاص في منطقة الجنوب.

ففي ورقلة عاصمة البترول قمعت الأجهزة الأمنية بالقوة واستعملت العنف المفرط ضد احتجاجات وتظاهرات شباب بطالين، بمجرد مطالبتهم بأبسط حقوقهم وهو الحق في الشغل ثم ولصب الزيت على النار صدرت أحكام قاسية بالسجن النافذ ضد بعض الموقوفين منهم !؟
وفي ولاية الأغواط عاصمة الغاز، عملت السلطات المحلية على إشعال العنف وذلك بتحريك فتنة الجهوية بالقوة وهذا بتوزيع سكنات اجتماعية – منتظرة منذ مدة – لفائدة سكان ولاية أخرى مجاورة، على حساب سكان الأغواط مما حرك الشارع للمطالبة بتوزيع عادل للسكنات بعيدا عن الجهوية المفتعلة والمحسوبية. وللإشارة فقد كانت الاحتجاجات سلمية ومؤطرة من طرف نشطاء حقوقيين، إلا أن تعامل الأجهزة الأمنية باستعمال القمع والعنف المفرط ضد المحتجين وكذلك التوقيفات الاستفزازية ضدهم، كادت أن تشعل مدينة الاغواط كلها.
وفي ولاية غرداية ما زالت السلطات المحلية تعمل كعادتها على إذكاء وتر الطائفية الحساس وهذا بتعمد السلطات المحلية برمجة هدم بنايات فوضية، غالبية أصحابها من طائفة معينة دون غيرها، مما خلق جوا من الحنق والإحساس بالحقرة والتمييز العنصري.
بمثل هذه الطرق وغيرها و في جميع مناطق الجزائر تعمل السلطة ليلا ونهارا، بدون كلل أو ملل على خلق الجو المناسب لإشعال فتيل العنف بالطريقة الخاصة لكل منطقة، وهذا حسب ظروف سكانها الاقتصادية و الاجتماعية وتركيبتها البشرية.

إن كل هذا العنف المبرمج من طرف الأجنحة المتنافسة والمتفاهمة دوما داخل السلطة ما هي إلا وسيلة للبقاء في سدة الحكم أطول وقت ممكن، وهذا في ظل الخطر المحدق بها وبكل النظم الشمولية في العالم، بسبب التغيرات الهائلة على المستوى الإقليمي والعالمي، وأخطر ما في الموضوع وهو احتمال ليس ببعيد خاصة إذا نجحت السلطة في إطلاق مارد العنف من زجاجته، فإنه وحينئذ سيفتح الباب على مصراعيه لأسوء الاحتمالات و بمصير الدولة الجزائرية ووحدتها إلى المجهول.

كل هذا يدفعنا لنصرخ جميعا – مهما كانت خلافاتنا واختلافاتنا – في وجه هذه الديناصورات المفترسة وبصوت قوي واحد وبكل لغات العالم « كفى »، »Stop » ، »Halte »…. « راهم فاقو » لن تدفعوا الشعب الجزائري للعنف فهو ميدانكم المفضل ولن نقبل أبدا بالمزيد من المآسي ولا بالمزيد من إراقة للدماء.