(Array|find{1961}|oui)

11اوت يوم للقطيعة والتدارك

لقد حصدت النيران القاتلة والمدمرة التي مست غابات شمال البلاد، الكثير من الأرواح ودمرت المباني، خاصة في منطقة القبائل التي دمرت بعض قراها وحصدت عشرات الأرواح من مدنيين وعسكريين. كما ولايات أخرى في شرق البلاد كسكيكدة، جيجل والطارف تشهد أيضا نيرانا لا تقل ضراوة وخطورة.
في هذه الظروف الأليمة والعصيبة، لا يسع للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الانسان الا الترحم على أرواح الشهداء من مدنيين وعسكريين وتعزي عائلاتهم عبر ربوع الوطن. كما تعبر على تضامنها التام مع الالاف من المنكوبين.
كما تحيي الرابطة الهبة التضامنية الشعبية والوطنية للشعب الجزائري في مواجهة هذه الكارثة بالتجند الذاتي وتنظيم قافلات عديدة للمتضررين.
تطالب الرابطة وبإلحاح بفتح تحقيق محايد حول نشوب هذه الحرائق وانتشارها وحول الاختلالات المحتملة في نظام الوقاية وفي إدارة الازمة.
وفي الوقت الذي كانت البلاد تواجه النيران ومخلفاتها، جاء مقتل الشاب المتطوع من مليانة جمال بن سماعيل يوم 11 اوت بمدينة الأربعاء ناث ايراثن، حيث تم قتله ببرودة دم، أحرق ونكل به في وسط ساحة المدينة، وذلك بعد ما كان في لحظة من اللحظات بين ايدي الشرطة. هذه الجريمة هي بمثابة الكارثة الوطنية. انها زلزال مس كل المجتمع وأحدث فيه شعور بالغضب، وبالعار، والاستياء والفزع.
تدين الرابطة وبكل قوة هذه الجريمة التي لا توصف، وتطالب بان يكون التحقيق التي باشرت به الجهات القضائية شفافا يلقي الضوء على كل جوانب وتفاصيل هذه الجريمة الشنعاء ومعاقبة، بناءا على القانون وفي جو من الهدوء والسكينة، كل من شارك من قريب او من بعيد في هذه الجريمة.
تحي الرابطة تصريحات والد الضحية الذي وبالرغم من الظروف القاسية والأليمة لفقدان ابنه جمال، فإنه دعا الى الهدوء وضبط النفس، والى الوحدة الوطنية تفاديا الى كل استغلال خبيث للجريمة مع المطالبة، في روح من السلمية والمسؤولية بالعدالة والحقيقة في هذا الاغتيال الشنيع.
تذكر الرابطة ان المسؤولية الجنائية هي مسؤولية فردية وان هذه الأخيرة لا يمكن تحديدها الا عن طريق اجراء حيادي يظهر الحقيقة، كل الحقيقة في حيثيات وملابسات هذه الحادثة المأساوية، التي يراد استخدامها تهديد الجسم الوطني والنسيج الاجتماعي، وكل المؤشرات تبين أننا أمام جريمة شنيعة لا علاقة لها بحادث عادي.
ترى الرابطة انه من واجب الافراد والمجتمع بأكمله وقفة تأمل وتفكير عند هذه الجريمة الفظيعة وعلى العنف الرهيب الذي سبقها. عنف يعبر عن اختلالات واسعة، لا يمكن حصر معالجتها بالمقاربة القانونية والعقابية فحسب. بل يجب أن تشكل محطة تاريخية لبناء وعي جماعي وبعث نقاش عام، دون انتظار، حول تغول العنف والكراهية في مجتمعنا. وفاة جمال بن سماعيل يجب ان تكون نقطة تحول وقطيعة نحو غد أفضل. لأننا أمام امتحان واضح لتحديد مسؤولية الدولة السياسية والأخلاقية وللمجتمع ككل.
الجزائر في 15 اوت 2021
الرئيس
بن يسعد نور الدين
_