(Array|find{1196}|oui)

العمل والعدل

الجزائريون لا يعملون .. إنه التحايل على " البايلك" أو الملكية العامة التي يجوز نهبها.

هذه العقلية ما زالت قائمة وهي قائمة منذ عهد " البايلك" يقول البعض. لماذا؟ ربما لأن الحكم ما زال هو نفسه في علاقته بالناس.

البعض يجزم أن الجزائري فاسد ولا يمكن أن يحكم إلا بالطريقة التي حكمه بها الدايات والانكشارية وإن أنت أعطيته الحرية فسيستخدمها استخداما سيئا وفي كل الأحوال ليس في صالح المصلحة العامة!

إن كان ذلك صحيحا، والسؤال يظل مطروحا على علماء الاجتماع، فإن مواجهة هذا الوضع الفاسد بهذه الواقعية السلبية وبهذا الفساد المستشري يعد بمثابة تعبير عن العجز وهوعجز يغذيه اعتقاد فاسد بأن الوضع مثالي.

المعادلة التي اقترح التفكير فيها هي العمل مقابل العدل. من الناس العمل ومن الحكام العدل. ولكن هذا الاختصار والاختزال قد يفيد في تبسيط التعقيد ولكنه لا يفي بالغرض كله. فالعمل في حاجة لنظام اقتصادي فاعل وفي حاجة لحالة نفسية أخرى للناس، وبالتالي: كيف يمكن تحقيق ذلك؟ في كل الأحوال ذلك غير ممكن في الوضع الحالي لأنه ليس هناك رؤية اقتصادية ولا رؤية سياسية والعلاقة مع الناس إما ضعيفة أو منعدمة وفي كل الأحوال فالحالة النفسية للناس، وخاصة الشباب الذي لا يجد منصب عمل لسنين طويلة ولا يعمل في أغلب الأحيان في التخصص الذي أؤهل له جامعيا، تصل لليأس أحيانا. إذن لا بد من التغيير.

أما العدل فهو يفترض أولا وجود دولة القانون. ووجود مؤسسة قضائية مستقلة. حتى الآن لا يمكن الاطمئنان أن سلاح القانون قوي على الجميع من دون استثناء. بل أن أغلب الناس يمكن أن يجزم أن ذلك غير ممكن الآن، بل تعتقد الغالبية من الجزائريين وبشكل جازم أن القانون يطبق على الضعيف فقط.

ما أبسط الأشياء وصفيا وما أعقدها في حقيقتها، خاصة مع سلطة مثل هذه السلطة ومع اصرارها على الاستمرار لزمن آخر.

الأمور بسيطة ولكن ما وصلته السلطة من رداءة في إدارتها للوضع وما وصله الفساد من انتشار وما وصله الانقطاع بين الحكم والناس، لا تمكن من قيام دولة المؤسسات ودولة القانون ودولة العدل.

إن الناس تدفع ضرائب عالية ولا تعرف كيف تستخدم ثروتها ولا تستطيع الاعتماد على السلطة وإداراتها خاصة في أوقات الشدة.
في الخلاصة لا يمكن مطالبة الناس بالعمل أكثر من تغيير طبيعة العلاقة بينه وبين الحكم ومن دون عدل أكبر ومن دون عدالة في توزيع الثروة ومن دون تحكم حقيقي في الفساد ومن دون كسر كل الاحتكارات السياسية والتجارية التي تضخمت وعممت الفساد وتستعد، على ما يبدو للانقضاض على الدولة بشكل نهائي

مصطفى هميسي
Mardi 28 Février 2012